، هل يفكر الناس بطريقة واحدة؟ هل يتصرفون بشكل موحد؟ و ما مدى درجة مقياس حرارة العلاقات بينهم؟ هل الانفتاح وتقبل الآخرين والاهتمام بهم أم تجاهلهم والحذر منهم والتوجس شرا فيهم هو ما يطبع هذه العلاقات ؟
لعلنا حينما نرى انحراف بعض الأشخاص عما هو متعارف عليه في مجتمعهم نعمد إلى تسمية ذلك السلوك باضطراب الشخصية، والاضطرابات أنواع تندرج في مجموعات معينة حسب ميزات خاصة تعرف بها كل مجموعة
لكن لنذكر أولا بمعنى الشخصية إنها القناع إهذا هو المعنى اللفظي للكلمة اللاتينية personaالمكونة لكلمة personality مرادف الشخصية
كان الممثل لدى الإغريق يضع قناعا ليعبر عن مشاعر ومواقف البطل على خشبة المسرح، ولا غرابة في استعارتها حديثا من طرف العالم النفسي “كارل يونغا للدلالة على العب شخصيتنا أدوارها الحقيقية على مسرح الحياة.
والشخصية لصيقة بكل واحد منا، إنها تعني ذلك التركيب المتناسق من التفكير والسلوك والمشاعر التي تجعل الشخص متميزا عن الآخرين وهي تنمو وتكبر معنا وتبقى دون تغيير جذري عبر مراحل الحياة. و لها جذور في مرحلة الطفولة حيث تتشكل نتيجة لتداخل العديد من العوامل الوراثة والتربية والوسط الاجتماعي.
إلا أن شخصياتنا في مواجهة معترك الحياة وحسب استعداداتنا الوراثية تصيبها الاضطرابات التي قد تتفاقم لتدخل خانة الأمراض الملازمة للأفراد ولما كانت أدوارنا مختلفة ومتباينة اتجة علم النفس إلى دراسة الشخصيات وتصنيفها أملا في معرفة جميع أنماطها قصد إيجاد طرق علاجية لتقويمها والتخفيف من آثارها على محيطها.
و التصنيفات تبقى أحيانا غير متفق عليها نظرا لتباين مفاهيم وأحوال المجتمعات المختلفة، لذلك يتم تعميم التعاريف کي تكون صالحة في مختلف البيئات، وهكذا إذا عرفنا الشخصية غير السوية بمدی بعدها عن المشاعر والسلوكيات الشائعة في بيئة ما نكون قد اقتربنا من الإحاطة بمسالة اضطراب الشخصية الذي وضع التصنيف الإحصائي للجمعية الأمريكية للطب النفسي التعريف التالى له النمط من سلوك منحرف عن ثقافة الوسط الاجتماعي للشخص له بداية في المراهقة أو بداية البلوغ. مستقر عبر الزمن ويقود إلى حالة خطيرة أو مقلقة” ونظرا لكون هذه الاضطرابات مؤثرة و مزمنة, فقد تفضي إلى زعزعة الحياة اليومية والمهنية و النفسية للأشخاص المضطربين وممثلا ذلك في تدهور إنتاجية الفرد الوظيفية أو الزوجية أو الاجتماعية أو الدراسية والشخص المضطرب يمتاز بطريقة تفكير مختلفة عن الآخرين، أي أن له تقييم خاص للناس والأحداث حوله، لينتج عن ذلك انعدام الاتزان والتناسق في المشاعر والعواطف كما قد تعوزه القدرة على استيعاب حاجاته ومسؤولياته اتجاه مجتمعه ليضطرب تعامله مع محيطه ويتميز بصفات شخصية سلبية اتجاههم كالحساسية الشديدة والحذر والتشاؤم3 Point لكن ما يسبب اضطرابات الشخصية؟ ظلت الأسباب محط خلافات و اختلافات في وجهات النظر. فالبعض يعتبر أن اضطرابات الشخصية مردها إلى التجارب الأولى التي تنبئ عن نمو التفكير السوي وأشكال السلوك, فيما ذهب آخرون إلى ارجاع هذه الاضطرابات إلى تأثير العامل البيولوجي الجيني لم يحدد این سبب مطلق. يظهر أن الأمر يتعلق بمزيج من الاستعداد الجيني و تاثیرات البيئة الاجتماعية!